شهادة عائلة حلو
اسمي وداد حلو، من مواليد مدينة الناصرة عام 1981، أنتمي لعائلة "عيلبوني" التي سكنت مدينة طبريا قبل قيام الدولة، والتي تم تهجيرها عام 1948 إلى مدينة الناصرة.
نشأت وترعرعت في بيت مسيحي تقليدي، وقد تلقيت تربية جيدة مؤسسة على القيم الأخلاقية. وقد واظبنا على الذهاب للكنيسة كل اسبوع تقريبا، ولكننا لم نقرأ الكتاب المقدس في البيت. كان هدفنا في الحياة تلقي دراسة جامعية تؤهلنا لممارسة الحياة بشكل مشرّف وتضمن لنا دخلا يكفل لنا حياة كريمة.
تخرجت من مدرسة راهبات مار يوسف في الناصرة، بعدها بدأت مسيرة البحث عن عمل حتى وجدت عملا في إحدى شركات مواد التجميل والتنظيف، فعملت هناك مدة 5 سنوات تقريبا. وقد كان المتجر الخاص بهذه الشركة مستأجر لدى عائلة معروفة بالإتجار بالمخدرات والإجرام. وكان لهذه العائلة ابن تعوّد الدخول للمتجر وإلقاء الأوامر علينا، وكان يتصرف وكأنه هو صاحب العمل. بالطبع لم يرقني هذا التصرف، وفي إحدى المرات اعترضت على اسلوبه معنا فما كان منه إلا أن جرني عنوة لمطعمه المجاور للمتجر، ولطمني على وجهي بقوة وسالت الدماء من وجهي، وقد تم هذا الأمر على مرأى ومسمع أصدقائه الذين تواجدوا في المكان، فبدأوا يقهقهون وشعرت بإهانة كبيرة وأخذت الهاتف واتصلت بالشرطة. بعدها جرني أخوه إلى مكان عملي وبدأ بتهديدي مطالبا إياي التنازل عن الشكوى لدى الشرطة، ولكنني لم أخضع لتهديداته وانتظرت ريثما حضر أبي وخطيبي (زوجي الآن) واللذان طلبا سيارة إسعاف قامت بنقلي للمشفى وهناك تم أخذ إفادتي من قبل الشرطة. بعد عدة أيام حضر أفراد من عائلة الشاب الذي اعتدى علي إلى بيتنا مطالبين بالتنازل عن الشكوى تحت التهديد والوعيد، فكان صوت العقل والحكمة هو السيد الموقف فاضطررنا للتنازل عن الشكوى خوفا على عائلتي، كما اضطررت لترك العمل على الرغم من الترقية والدخل الكبيرين اللذين تلقيتهما. في أعقاب هذا الحادث راودني شعور كبير بالانتقام من ذاك الشخص الذي كان السبب في حالة الحزن الشديدة التي كانت تنتابني في كل مرة كنت أمر من أمام مكان عملي أو أسمع اسم عائلته.
تزوجت عام 2006 من خطيبي عصام الحلو وأنجبنا طفلنا الأول مجد. زوجي عصام ينتمي هو الآخر لعائلة مسيحية تقليدية من مدينة الناصرة، من مواليد عام 1973. تخرج عصام من مدرسة راهبات المخلص في مدينة الناصرة. كان زوجي عصام منغمس في عالم الملذات المادية وقد اتسمت السنوات الأولى من حياتنا بصعوبات ومشاكل. بعد فترة زمنية قررنا إنجاب طفل آخر إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل لوجود مشاكل خصوبة لم تتح فرصا كبيرة للإنجاب. وبدأنا مسيرة العلاج متنقلين بين الأطباء المتخصصين في مجال الإنجاب والخصوبة، فحاولنا عام 2011 الخضوع لعملية إنجاب خارجي ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل.
تصادف في شهر 12 من عام 2011 حفل زفاف إحدى قريباتي فدعيت إليه، فذهبت لصالون تصفيف الشعر استعدادا للحفل، وهناك التقيت مصفف شعر يدعى بشارة والذي بدأ يحدثني عن يسوع الرب بحماس شديد مشيرا لمساعدة الرب له في مسيرة حياته، وأنه شفى زوجة أخيه من مرض خبيث كما انه خلصه من شعور الانتقام الذي راوده إزاء صديقه المقرب الذي قام بسرقة بيته. وحينما بدأ الحديث عن الانتقام استحضرت بذاكرتي قصتي مع الشاب الذي صفعني وبشعور الانتقام الذي اعتمل بداخلي آنذاك. فنظرت إلى الأخ بشارة فرأيت نورا يشع من وجهه وسكينة تنعكس على ملامحه أثناء حديثه، فبدأت أتساءل عن سر هذه السكينة وهذا السلام الذي يرتسم على وجهه حينما كان يتحدث عن الرب يسوع. وعندما عدت لبيتي أشركت زوجي بما حدث معي في صالون الشعر.
بعد فترة وجيزة بدأت اجتماعات صلاة في روضة عمانوئيل التي كان يذهب إليها ابني مجد. فدعينا إليها انا وزوجي فوافقنا على المشاركة في هذه الصلوات متعهدين لأنفسنا أن لا نجعلها تغير من موقفنا إزاء الكنائس التقليدية التي تربينا عليها، خصوصا أننا عرفنا بأن هذه الصلوات تتبع للكنيسة الإنجيلية التي تواجه اعتراضا كبيرا من قبل التيار الكنسي.
في شهر شباط من عام 2012 ذهبت برفقة زوجي إلى أول اجتماع في الكنيسة الإنجيلية واستمعنا إلى وعظة أحدثت تغييرا داخليا لدينا منذ اللحظة الأولى فشعرنا بامتلاء داخلي وبإحساس لامس قلوبنا فبدأنا بالبكاء دون توقف. بعدها في كل مرة كنا نستمع لوعظ القسيس وكلامه عن الرب ومحبته لنا كنا نبكي بكاء الناجم عن الانكسار وعن شعور بالندم بعدم معرفة محبة الرب الحقيقية لنا من قبل. وبدأنا نستمع لقراءات الكتاب المقدس وتفسيراته عندها فهمنا رسالة الخلاص الذي جاء بها الرب يسوع ليخلصنا من آثامنا ويحررنا من أخطائنا. حينما كان الواعظ يتحدث كنا نشعر أن الله يتحدث إلينا بشكل شخصي من خلال الواعظ، وكأنه يقوللنا: " يجب أن تتحرري من الشعور بالغضب والانتقام"، منذ ذلك الحين بدأت أشعر بسلام كبير بداخلي ولم أعد افكر بالانتقام من ذاك الشاب إطلاقا، بل بدأت أصلي من أجله تماشيا مع أقوال الرب يسوع وهو على خشبة الصليب: " يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون".
سلمت أن وزوجي حياتنا للرب في معموديتنا في تاريخ 2012/07/14 حينما تعمدنا معا. عند المعمودية سألنا القس نجيب عن صلاتنا في هذه اللحظة إذ كل ما تطلبونه يستجاب، فأجبناه أننا نسأل الرب أن يساعدنا في إنجاب طفل. في شهر شباط عام 2013 ، أي سنة بعد اجتماع الصلاة اكتشفت انني حامل ووضعت طفلة رائعة هدية الرب يسوع وأسميناها "ميغيل".
نعكف في هذه الأيام أنا وزوجي عصام على خدمة الرب يسوع قدر المستطاع، ونتوجه إليه بطلب أن يرينا الطريق لخدمته وفقا لمشيئته. وما زلنا نعقد اجتماع درس الكلمة مرة كل أسبوع في بيتنا بحضور القس نجيب وسائر الأخوة والأخوات.
فليبارككم الرب،
عصام ووداد حلو.